"تحولت من شخص يحتاج إلى المساعدة إلى شخص يقدم المساعدة"

مقال 22 تموز/يوليو 2020 الأردن سورية

بدأت الحرب في سورية منذ 9 سنوات وتسببت في مقتل مئات الآلاف، بينما نزح ملايين آخرون داخل البلاد. وفي الآونة الأخيرة، أدى انتشار فيروس كوفيد-19 إلى تفاقم معاناة السكان المدنيين، بالإضافة إلى فرض الحظر للسيطرة على انتشاره والانكماش الاقتصادي الذي عمل على تعقيد مصيرهم بشكل أكبر. وعندما يُضاف إلى هذه العوامل حالة انعدام الأمن السائدة، فإن العديد من اللاجئين ببساطة لم يتمكنوا من العودة وكان عليهم أن يتلقوا الدعم من المنظمات الإنسانية في الأماكن التي يعيشون فيها حاليًا.

* مريم (ليس اسمها الحقيقي)، هي واحدة من آلاف اللاجئين السوريين الذين يعيشون في الأردن. وخوفًا على حياتها وسلامتها، فقد اتخذت القرار الصعب بالهروب من بلدها الحبيب بعد عام واحد فقط من اندلاع النزاع. ولذلك لم يكن مفاجئًا أنها ستصل إلى الأردن في حالة من الاضطراب العاطفي؛ وحسبما عبّرت عن حالتها: "في ذلك الوقت، كنت عازبة، واجهت ضغوطًا نفسية، وكنت قلقة كيف سأتدبر أمري وحياتي".

وعلى الرغم من كون الأردن دولة تتميز بالدفء والودّ، إلا أن مريم لم تكن معتادة عليها، وحقيقة أنها تركت العديد من أحبائها في وطنها سورية لم يجعل من الاستقرار أمرًا سهلًا بالنسبة لها. وعندما تمكنت أخيرًا من تدبر أمرها قليلًا، كان طموح مريم هو العمل على مشروعها الخاص والحصول على دخل لتصرف على نفسها، بدلاً من تلقي المساعدة باستمرار من المنظمات الدولية. ومع ذلك، لم يكن لديها ما يكفي من المال لبدء مثل هذا المشروع. ثم عرفت لاحقًا عن برنامج المبادرات الاقتصادية الصغيرة الذي تنفذه الجنة الدولية للصليب الأحمر، وفكرت في تقديم طلب.

وبحلول ذلك الوقت، كانت مريم قد تزوجت. "اقترحت على زوجي أن أتقدم بطلب للحصول على دعم اللجنة الدولية في إطار برنامج المبادرات الاقتصادية الصغيرة ودعمني بالكامل. لذلك تقدمت بطلب في عام 2014 ووافقت اللجنة الدولية على طلبي. كما حصلت على مساعدة مالية كافية لبدء مشروعي الصغير الخاص بتربية الأغنام وصنع منتجات الألبان مثل الحليب وجبن الأغنام".

صورة من معمل مريم لصنع الأجبان

كان اختيار مريم للأعمال مدروسًا جيدًا؛ إذ أن الجبن الأبيض الذي تنتجه يحظى بشعبية كبيرة في الأردن ويعتبر من أفضل الأنواع. وغالبًا ما يباع طازجًا وبه العديد من الخصائص الصحية، بما في ذلك كونه مصدرًا غنيًا بالكالسيوم. ومن المهم بالقدر ذاته حقيقة أنه يمكن صنع هذا الجبن بسهولة في المنزل، وبالتالي مساعدة الأشخاص الذين يرغبون بإنتاجه على توليد بعض الدخل.

بعد ست سنوات (منذ أن تقدمت بالطلب لأول مرة)، يوجد لدى مريم الآن قصة مختلفة لترويها. "بدأت أشعر أن حياتي تتغير إلى الأفضل وبدأت أنظر إلى الأشياء من منظور إيجابي. لقد تغيرت من شخص يتلقى المساعدة إلى شخص بدأ في دعم أسرته ومساعدة جيرانه أيضًا".

رُزِقت مريم الآن بطفلين، وتعيش مع زوجها وطفليها في محافظة المفرق في الأردن، حيث تدير مشروعها الصغير أيضًا.

* تم تغيير اسمها الحقيقي لإخفاء هويتها والحفاظ على سلامتها. ولم يتم استخدام صورتها لهذه الأسباب أيضًا.